قهوة صباحيَّة مع باحِثَةٍ هولنديَّة شابَّة سَبَقَ لها، على ما يَبْدو، أنْ زارت أمم. بدأ الحديثُ مُتَعَثِّرًا لإصْرارِها على إطْلاقِ مُسَمّى «حزب» على «حركة أمل» وعلى «حزب الله» وهو الأمْرُ الذي رَفَضْتُ أنْ أُجاريها فيه مُعْتَبِرًا أنَّ التَّسْليمَ بِمُفرداتِ السُّؤال يُصادِرُ على الجواب. انتهى الأمر بأنْ انْتَقَلْنا إلى الحديثِ عن تَجْرِبَتِها «اللبنانيَّة» وقُضِيَ الأمْرُ بـ «سلام»...
في ما بَيْنَ ذلكَ كانَ هشام يُنْجِزُ إخْراجَ «ماذا بقي للفلسطينيّين مِنَ "المُخَيَّمات"؟» الذي أنْجَزْتُهُ أوَّلَ مِنْ أمس. وفي ما بين ذلك، أيْضًا، كانت مونيكا في الأمْنِ العام تُقَدِّمُ طَلَبَ «إجازَةٍ لاحِقَة» فَيَخْضَعَ «تَدْمُر» لـ«الرِّقابَةِ» ويُبَتَّ أمْرُ عَرْضِهِ خلالَ «مِهْرَجان سينما حقوق الإنسان» في تَمّوزَ المُقْبِل.
بَعْدَ الثّانِيَةِ بقليل، تَوَجَّهْنا، مونيكا وأنا، إلى مقر الاتحاد الأوروبي للمشاركة في اجتماع جاء في نص الدَّعْوَةِ إليه أن مَدارَ النِّقاشِ خلالَه:
The discussion would focus in particular on what kind of initiatives in the area of transitional justice and broader peace-building / social cohesion approaches might be feasible and worthwhile in Syria in the current context.
تَرَأسَ الاجْتِماعَ دوتشيو بانديني الذي سَبَقَ أنْ خَدَمَ في بيروتَ والذي سَبَقَ أنْ عَرَفْناهُ خلال تنفيذ مشروع «الباص إنْ حكى». لم يَلُكْ بانديني كَلِماتِهِ، في بدايَةِ الاجْتِماعِ شارِحًا المَقْصودَ مِن «بناء السَّلام بالمَعْنى العَريض»... «لَقَدْ مَوَّلْنا خِلالَ السَّنواتِ الماضِيَةِ العَديدَ مِنَ المُبادَراتِ الهادِفَةِ إلى "التَّوْثيقِ" (تَوثيق الانْتِهاكات) وإلى الحَثِّ على "المُحاسَبَة" ولَقَدْ آنَ الأوانُ لِتَشْجيعِ المُبادراتِ الهادِفَةِ إلى "الحِوارِ والمُصالَحَة"». لا أتمالَكُ نَفْسي فأسْأل: «هل مَقولُ ذلك أنَّه لا مَحَلَّ، بَعْدُ، لبَنْدِ العَدالةِ والمُحاسَبَة؟ هَلْ لكَ أنْ تَشْرَحَ لنا ما هو الإطارُ السّياسيُّ الذي يَنْدَرِجُ فيه تأويلُ مَفْهومِ "بِناء السّلام" على هذا النَّحْو؟». لا يُجيبُ على السّؤالِ بل يَلْتَفُّ عليهِ مؤكِدًا أنَّ بَعْضَ المشاريعِ التَّوثيقيَّةِ لا تَزالُ تَحْظى بِتَمويلِ الاتِّحادِ الأوروبي. يُكَرُّرُ زَميلٌ لَهُ، اللَّحْنَ نَفْسَه ثُمَّ يُتْرَكُ الكَلامُ لـ«ناشِطَةٍ» سوريَّةٍ فَتَمتَدِحُ ما شاركت فيه من «لِقاءاتٍ حوارِيَّة» بين أفراد مِنَ «المُجْتَمع المَدَني» على هوامِشِ جنيف... تليها أخرى وثالِثَة... (مِنَ الواضِحِ أنَّ الميزانَ الجَنْدَرِيَّ بَيْنَ السوريينَ المُشاركينَ في اللقاءِ راجِحٌ لِمَصْلَحَةِ النِّساء!). أرسُمُ دوائِرَ ومُرَبَّعاتٍ وأمْدَحُ الصُّدَفَ التي جَعَلَت هذا الاجْتِماعَ يَنْعَقِدُ في اليَوْمِ نَفْسِهِ الذي تناقَلَت فيه وسائِلُ الإعلامِ حَديثَ الرئيسِ الفرنسي ماكرون: «الأسَد لَيْسَ عَدوًّا للشَّعْبِ الفَرَنسي»!
[عَوْدٌ على بَدْء]