بعد شيء مِنَ التَّرَدُّد خلال الأيّامِ الماضِيَة حَزَمْتُ أمْري وقَرَّرتُ المُشارَكَةَ في الاحْتِفالِ الذي دَعَت إليه السّفارةُ الأميركيَّةُ بمناسبَةِ الذِّكرى الواحِدَةِ والأربعينَ بَعْدَ المئتَينِ على الاسْتِقْلال. مِنْ أسبابِ التَّرَدُّدِ أنَّ الاحتفالَ أُقيمَ في آثاراتِ فَقْرا مِمّا عَنى أنَّ مِنْ شُروطِ المُشارَكَةِ فيه التَّضْحِيَةُ بِنَحوِ ساعَتَين مِنَ الوَقْتِ للوصولِ إلى المكانِ المُسَمّى والعَوْدَةِ إلى بَيْروت. بسبب من الزّحام الشَّديدِ اقتضتني رحلةُ الذَّهابِ نحو 90 دقيقة. مَشْهَدِيَّةُ الاحْتِفالِ وما حُشِدَ لَهُ مِنْ أمْنيينَ وإدارِيينَ وسائقين وخَدَمٍ وحَشَمٍ هي الاحْتِفال. فور فراغِ السَّفيرَةِ مِنْ إلقاءِ كلمَتِها يَمَّمْتُ عائِدًا إلى بيروت ومِنْها على الفَوْرِ تَوَجَّهْتُ صحبَةَ مونيكا إلى الصَّوّانة التي وَصَلْناها نحو الرّابعة والنّصف. عند السّابعة اقترح شبيب وشمس الدين أن نرافقهما إلى طيردبا حيث كانا مدعوين إلى مائدة علي مغنيّة. تَرَدَّدتُ بَعْضَ الشيءِ بين العَوْدَة إلى بيروت مرورًا بصور وبين مرافقة شبيب وشمس إلى طيردبا ولكن الفُضولَ غَلَبَ عليَّ. كَرَمُ علي وزَوْجَتُهُ لا يُواري غرائِبِيَّةَ المَشْهَد، ولا سِيَّما مَشْهَدَ الضَّيْفَيْن الآخَرَيْن من آل (ن.) وزوجَيْهِما، ومِنْ هذين مَشْهَدُ مُجير المَصْرِف وزوجِهِ المُحَجَّبَة التي لا ترى من ضَيْرٍ في مجالَسَةِ هذا الجَمْعِ مِنَ الشَّرَبَة ــ بمن فيهم زوجُها. ما إنْ أمْكَنَ انسحبنا وعدنا أدراجنا إلى بيروت التي وصلناها تَمامَ مُنْتَصَف الليل. مِنْ أظرَفِ الأحاديثِ التي سَمِعْتُها في الصَّوّانَة حَديثُ حملاتِ التَّشْجيرِ التي يقومُ بِها حزب الله تحت عناوينَ بيئيَّةٍ (ما يُؤَكِّدُ فَحْوى اللَّغَطِ الذي استثارَتْهُ مُؤخَّرًا شَكوى إسرائيليَّة أمام الأمم المتَّحِدَةِ بِحَقِّ إحْدى الجَمعيّات التي تتعاطى «جِهاد التَّشْجير»...). لا نَدَمَ على أنْ أنْفَقْتُ مُعْظَمَ اليَوْمِ مُتَسَكِّعًا ولا مَنْ يَحْزَنون. التَّسَكُّعُ، أحْيانًا، ولو وراء مِقودِ سَيّارة، من «الحاجِيّات» لا أقَلّ...
[عَوْدٌ على بَدْء]