«في مِثْلِ هذا اليَوْم...» اسْتَقَلَّيْتُ الطّائرةَ إلى باريس مُيَمّمًا شَطْرَ واشنطن. في مطار باريس عَلِمْتُ أنَّ الحَرْبَ بَدَأت، وأنَّ طريقَ العودةِ أدراجي سُدَّت... كأنّي بـ«حرب تموز» حربٌ أخرى لم يَعُدْ مِنَ المُسْتَحَبِ التَّذْكيرُ بِبِدايَتِها/بِبِداياتِها. غَدًا يأتي آب ويُعَوِّضُ الاحتفالُ بـ «النَّصْرِ الإلهي» عن اسٍتِذْكارِ بِدايَةِ هذه الحَرْبِ ونهايَتِها/نهاياتِها مَعًا.
وَقَعْتُ بالأمْسِ على كِتابٍ صغيرٍ بِتَوْقيعِ عادل إسماعيل تَحْتَ عنوان «أزمة الفكر اللبناني في كتابةِ تاريخ لبنان وتوثيقِه». رَغْمَ تَنَفُّجِ العنوان، ورَغْمَ إلحاحِ أمورٍ أخْرى عَلَيَّ، سَرَقْتُ بَعْضَ الوَقْتِ لمطالَعَتِه. الكتابُ هو مرافَعَةُ عادل إسماعيل عن نَفْسِه، وعَنْ نَهْجِهِ، في نَشْرِ ما نَشَرَهُ مِنْ وثائِقَ ديبلوماسيَّةٍ ذاتِ صِلَةٍ بتاريخِ لبنانَ في القَرْنِ التاسِع عشر. أفْكَهُ ما في هذه المُرافَعَةِ، (غير المُقْنِعَةِ على الإطْلاق)، مُرورُها مُرورَ الكِرامِ بما بَيْنَ «الحَرْبِ» وبين «الحَرْبِ على تاريخ لبنان» مِنْ تَوارُد... لا أعني أنَّ الإشارَةَ إلى ذلكَ تَفوتُ إسماعيل ولكنَّ انْشِغالَهُ بِحَرْبِهِ هُوَ، دِفاعًا عَنْ نَفْسِهِ ومَنْهَجِهِ، لا يَدَعُ لَهُ مَجالًا لِلتَّوَقُّفِ عِنْدَ ذلك التَّوارُد...
[عَوْدٌ على بَدْء]